الجزء الثالث : اهتمام الفكر المحاسبي بالمحاسبة الزراعية
اهتم الفكر المحاسبي في عهد مبكر بالمحاسبة الزراعية كنتيجة للحياة الاقتصادية السائدة، ولكن لم يهتم بدراسة المشاكل المحاسبية الزراعية في ذلك العهد المبكر ويرى الكاتب أن ذلك كان لسببين
اهتمام الفكر المحاسبي بالمحاسبة الزراعية
السبب الأول :هو توجه الفكر المحاسبي لمسايرة تطور الحياة الاقتصادية
فكان الاهتمام بالعملية الصناعية في المقام الأول في بداية القرن العشرين حيث اهتمت أغلب الدراسات والأبحاث من بالتطبيق على المجال الصناعي ، وحينما ظهرت بعض الدراسات المحاسبية الزراعية فكانت اغلبها تكاليفية في المقام الأول مما ساعد على ظهور كتابات فكرية في محاسبة التكاليف الزراعية لكن نادراً ما نجد كتاب تناولوا المحاسبة الزراعية كمحاسبة متخصصة مثل البنوك وشركات التأمين
ومن علماء المحاسبة الأوائل الذين اهتموا بالتطبيق على المجال الزراعي نجد
محمود خاطر سنة 1912 حيث كان لة السبق فى تقييم الاصول البيولوجية الحيوانية بسعر السوق حيث اختلفت الآراء في ذلك التاريخ حول تقييم الأصول عند الجرد وأقفال الحسابات لمعرفة الربح أو الخسارة تدرجاً إلى معرفة صافي رأس المال
وفي أواخر القرن العشرين نجد دراسات محاسبية اهتمت بالمجال الزراعي ومن أهمها
دراسة أ.د سليمان محمد مصطفى إسماعيل سنة 1983 بعنوان “دراسة تحليلية للتكاليف في قطاع الإنتاج الحيواني “لحوم الماشية” بهدف تحقيق فاعلية التخطيط والرقابة على التكاليف
دراسات : د. محمد سعيد حفني الشناوي بعنوان
الرقابة على تكاليف الخدمات المركزية في مجال التوسع الرأسي في قطاع الزراعة. دراسة تحليلية في ج. م.ع سنة 1974
تخطيط تكاليف الإنتاج الزراعي والرقابة عليها في ضوء عدم التأكد سنة 1986
مع بدايات القرن الواحد وعشرين ظهرت دراسات يرى الكاتب أنها رد فعل لصدور المعيار الدولي رقم 41 بعنوان الزراعة ومنها
دراسة لجنة المعايير المحاسبية AcsEC2000
داسة Argooles & Slof 2001
Elad 2002
Riley 2002
دراسة المجلس القومي للمحاسبين والمراجعين بتنزانيا TFAS 2003
لجنة تفسير التقارير المالية الدولية IFRIC 2003- 2004
دراسة د. نواف فخر ، د. عبد العزيز الدغيم، عفراء على بعنوان دراسة النظام المحاسبي في المؤسسة العامة للأسماك في سوريا وإمكانية تطويره سنة 2005
ويرى الكاتب أن الفكر المحاسبي أن كان تأثر إلى حد كبير بالاقتصاديين والإداريين حيث أنارت اتجاهتهم الآولية الطريق أمام الدراسات والأبحاث المحاسبية فكان للمحاسبين السبق في إثراء الفكر بدراسات في التكاليف وتخطيطها وذلك بعد أن ظلت لفترة طويلة بعيداً عن مجهر الدراسة بسبب الطبيعة المميزة للعملية الإنتاجية الزراعية والظروف التي تتم فيها ، فقدم الدكتور سليمان محمد مصطفى سنة 1983 تحليل تكاليف الإنتاج الحيواني بهدف تحقيق فاعلية التخطيط والرقابة على التكاليف
والدكتور الشناوي سنة 1986 كان له السبق في تقديم دراسة عملية لتخطيط عناصر طاقة التشغيل في الزراعة وقد امتدت دراستة للتخطيط للفترة من عام 1986 حتى عام 2000
كما قدم الدوال الرياضية لتحديد تكلفة العمل الزراعي ودوال تحديد تكلفة الخدمات الزراعية بهدف معايرة تكاليف الإنتاج الزراعي من خلال أسس علمية في ضوء ظروف الإنتاج الطبيعية والاقتصادية التي تتم في إطارها العملية الإنتاجية الزراعية
كذلك يرى الكاتب أن الفكر المحاسبي لم يستغل الدراسات الاقتصادية في مجال الدلالات الإنتاجية والتحليل الموردي والتكاليف الإنتاجية والتسوقية الزراعية الاستغلال الأمثل، حيث أن تلك الأبحاث يمكن أن تنير الطريق أمام أبحاث في مجالات مثل: التكاليف المستهدفة والمعيارية للإنتاج الزراعي والتكاليف المعيارية التسوقية للإنتاج الزراعي وتكاليف الجودة في المجال الزراعي
أما الثاني : هو استمرار لجنة معايير المحاسبية الدولية طول فترة وجودها، والتي تزيد على 25 عاماً ، في توجيه الاهتمام بصفة أساسية لتطوير معايير التقاريير المالية ذات الأغراض العامة
دون اعتبار لطبيعة العمليات التجارية الخاصة التي تمارسها بعض الجهات المعدة للتقارير، وبعيداً عن الأعمال المصرفية والتي خضعت لقواعد الإفصاح الموسعة لعدة سنوات بالفعل، فإن احتياجات الأنشطة المتخصصة لم تحظى بأي اهتمام من لجنة معايير المحاسبة الدولية
ويرى الكاتب أنه بعد توافر الدراسات السابقة في المجال الزراعي فقد يكون هناك دراسة مستقبلية تجد علاقة تكاملية بين معارف الباحثين الاقتصاديين والمحاسبين والزراعيين والأطباء البيطريين تتمكن من وضع نموذج دقيق لتحديد تكلفة الخلقة الزراعية والحيوانية
إذا ما استطاع العلماء الزراعيين والبيطريين تحديد القدر المستهلك من الغذاء الذي يمكن الكائن الحي من بقاءه حياً وقيامه بوظائفه الاعتيادية دون خلل
حيث نجد في الأصول الحيوانية يجرى على الغذاء المهضوم ثلاث عمليات هي التأكسد والذي ينتج عنه الحرارة والطاقة اللازمة للحيوان للقيام بأعماله وعملية البناء وهي بناء الأنسجة البروتينية والعضلات (اللحم) في جسم العجول وأخيراً عملية الإفراز في كل خلية وهي تتم للتخلص من نواتج التأكسد العديمة النفع أو تحويل المواد الزائدة عن حاجة الحيوان من الغذاء إلى مواد صالحة كما في حالة البن أو تحول إلى ثاني أكسيد كربون وماء ويوريا بإصلاح في البول أو العرق
كذلك يرى الكاتب أن الحاجة إلى نظام معلومات عن الأصول البيولوجية خلال دورة حياتها هي من نقائص الدراسات الحالية، وإيجاده واستخدامه سوف يساعد على عملية اتخاذ القرارات من قبل الإدارة والمستثمرين
ومن هذا المنطلق يتناول الكاتب في المقالات القادمة دراسة وتحليل مفهوم الأصول البيولوجية وملامحها الأساسية